مرت سنة على هذه الحدث وهو يبحث عنها في عيون كل العابرين عسى أن يجد من تشبهها أو تعرف عنها شيئاً وفي ذات يوم وبعد ان انقضى اليوم الدراسي وأتى السائق كي يقله الى البيت وقبل ان يركب العربة لمح مجموعة من زملائه الطلبة متجمعين فسألهم وعرف انهم يزمعون التوجه الى بيت زميلهم أحمد لزيارة أخيه الأصغرالمريض فدعاهم الى أن يركبوا معه ليذهبوا معاً و أمر السائق ان يقلهم الى بيت زميلهم والذي كانوا يسمونه الحلبي نسبة الى لونه الفاتح وجزوره التي تعود الى شمال الوادي ووصلوا جميعا وكان والد أحمد في استقبالهم ودخلوا ووجدوا شقيق أحمد طريح الفراش يشكو من الحمى وأتت أخت أحمد تحمل كاسات العصير
و.... كـــانـت هــــــي .
نعم كانت هي تماما
رآها ابن الشيخ ولم يقوى على الوقوف بعدها
وقفت أمامه تحمل كاسات العصير
التقت اعينهم فتسمرت هي في مكانها
في لحظة توقف فيها الكون عن الدوران
مرت لحظات كأنها الدهر
لم يقوى هو على مد يده لكوب العصير
ولم تقوى هي على التحرك من أمامه
اعينهم تبحر في بعضها
وعلى محياها تلك الابتسامة التي ما انزل الله بها من سلطان.
كان هو يسترجع تلك الأيام الخوالي ويسترجع يوم التقى بها من بعيد
وكانت هي تنظر في عينيه وكأنها في انتظار هذا اليوم منذ أمد بعيد
هل كانت مشغولة به مثلما كان هو؟؟
هل كانت تتذكره مثلما كان هو؟؟
هل كانت تبحث عنه مثلما كان يفعل هو؟؟
أسئلة دارت برأسه في طرفة من الزمن
لم ينتبه الا الى صوتها يدعوه : _ اتفضل العصير -
هل هذا صوتها هي أم صوت أحد الملائكة قادماً من السماء؟؟
هل هذا الصوت لبشر ؟؟؟
هل ...
وتوقفت الساعة وكل شيء
وفرغ الكون من الناس والشجر والحجارة وكل شيء
عدا صاحبنا وهذه التي تقف أمامه
فارهة بقوامها ولونها الذي يشبه لون عصير البرتقال الذي تحمله.....
لم يسمع صوتها وهي تلح عليه بأن يتناول كأس العصير أو سمع ولكنه رضخ لرغبة نابعة من الدواخل في أن يسمع هذا الصوت مراراً وتكراراً بل هذه الموسيقى الملائكية التي تعزفها أنامل الولدان وهم على الأرائك متكئون.
أتاهـ صوت غليظ هذه المرة .. إتفضل ياولدي العصير.. وكان صوت والدها وأردف .. أختك دي ليها ساعة واقفة قدامك ..
أختي ؟؟ هل هذه أختي؟؟ هل أنا سليل الأقمار والشموس وكل نجوم الكون أقاربي؟؟
مد يده ببطء وهو يشعر بكم هائل من الخجل والإحراج فقد كان واضحاً تركيزه عليها بشدة لدرجة بدأ له وكأن والدها سيطردهـ من المنزل.
إنقضت تلك اللحظات سريعاً واستجمع صاحبنا ماتبقى من شجاعته وأعلن إنتهاء الزيارة وسط إلحاح صديقه أحمد وأهله بأن يتناولوا طعام الغداء وتمنى في دواخله أن يخضع لرغبتهم ولكن كان الوقت قد مر ولامفر من العودة الى المنزل.
قضى الأيام التالية كلها يسأل عن شقيق أحمد محاولاً إغتنام الفرصة كي يرى ملهمته وأتت الفرصة أخيراً ولكن ليست كما يتمناها ..
فكيف كانت ؟؟
- يتبع -